send link to app

روضة الإيمان


4.0 ( 5600 ratings )
Éducation Livres
Développeur Khalid Sadi
Libre

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ للهِ الذي يعلوُ ذكرُه على كلِّ ذكرٍ، وأمْرُهُ على كلِّ أمرٍ، القائل في محكمِ كتابهِ الكريم: ((وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)) {العنكبوت:45} والصلاةُ والسلامُ على المصطفي الأوَّاب، القائلِ وهو الصادق الأمين: (الدعاءُ هو العبادةُ)، وعلى آله وصحبه الذين كانت ألسنتُهمْ غضةً بذكرِ الله.
أمّا بعد:
فإنّ الدعاءَ من أشرفِ الطاعاتِ، أمَر المولى بِه عبادهُ فضلاً وكرمًا، وتفضَّل بالإجابةِ، فقال: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ?)) {غافر:60} وقال: ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)) {البقرة:152} وقد وردت آياتٌ وأحاديثُ كثيرةٌ في بيان فضل الذكرِ، يكفي من ذلك قوله تعالى: ((أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) {الرعد:28} ويعلّق سيِّد قطب على الآية قائلاً: "ذلك الاطمئنانُ بذكرِ اللهِ في قلوبِ المؤمنينَ حقيقةٌ عميقةٌ، يعرفُها الذين خالطتْ بَشَاشةُ الإيمانِ قُلوبَهمْ، فاتّصلَتْ باللهِ ... "
وتمرُّ بالمرءِ في هذهِ الحياةِ لحظاتٌ لا يستطيعُ أن يصمدَ لها إلاَّ إذا كانَ مرتكناً إلى اللهِ، مطمئِنًّا إلى حِماهُ، ولا يكون ذلك إلاَّ بذكرِهِ في كلِّ حالٍ، قال النّوويُّ: "اعلمْ أنَّ الذِّكرَ محبوبٌ في جميع الأحوال إلاَّ في أحوالٍ ورد الشرعُ باستثنائها".
هذا .. وإنَّ للمولَى رجالاً لَهجَتْ قلوبُهُم بذِكرِه، وألسنَتُهُم بِشُكرِه، فكانوا شعلةَ إيمانٍ، يحسُّ الواحدُ منهم وهو يُسَبِّحُ بحمد المولى بأَلسنةٍ متعددةٍ من كيانِه، تشاركُه التسبيح ((وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)) {الإسراء:44}.
فهذا الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي رحمه الله يقول في ذلك:

أعاينُ تسبيحي بنورِ جَنَاني ... فأشهدُ منّي ألفَ ألفِ لساني
وكلّ لسانٍ أجتلي من لغاته ... إذًا ألفَ ألفٍ من غريب أغاني
ويهدي إلى سمعي بكلِّ لغيَّةٍ ... هدى ألفَ ألفٍ من شتات معاني
وفي كلِّ معنى ألفُ ألفِ عجيبةٍ ... يُقَصِّرُ عن إحصائها الثَّقلانِ

وقد شاءَت إرادةُ المولى أن لا تخلُو الأرضُ منهُم يوماً ما، فهم مددٌ ربَّانِيٌّ، يذكِّرُنا بالواحدِ الدّيانِ، ومن هؤلاء فضيلةُ الشيخ حمود بن حميد الصوافي ـــ حفظه الله ورعاه ـــ، الذي كلامُهُ ذكرٌ، وصمتُه تسبيحٌ، فيومُه معمورٌ بالأذكارِ، فمِن تلاوةٍ وذكرٍ، إلى صلاةٍ واستغفارٍ، ومن دعاءٍ وتسبيحٍ إلى تهليلٍ وتكبيرٍ، لا يكادُ يمرُّ عليه وقتٌ من الأوقاتِ دونَ أن يلهجَ لسانُه بالواحدِ الأحدِ.
ولقد حرص الكثيرون على تقييدِ أذكار الشيخِ، فتجمَّعت لهم كراريس، فكانوا يبادرون إلى حفظِ ما استطاعوا حفظهُ منها، وكثيرًا ما تسمعُهم يقولون: هذا دعاء الشيخِ حمود الصوافي، لِكونِ الشيخ يدعو به، وإلاَّ فإنَّ الشيخَ استقى غالبه من السنَّةِ المشرَّفة، ومع هذا الحرص الشديد، فقد كانت الأخطاءُ في لفظِ الدعاءِ ومحلِّه، وضبطه وشكله ...
ولقد كانت همَّة الشابِّ المثابرِ/ جُمْعة بن ناصر الصارمي؛ في الختام ليجمعَ أذكار الشيخ في سلسلةٍ مباركةٍ، متلافيًا بذلك جميعَ الأخطاء، فبارك المولى في جهدهِ، وكلَّلَ أعمالَه بالنَّجاحِ إنّه وليُّ ذلك والقادرُ عليهِ.
فإلى الحريصين على أن يكونوا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات هذا المنهل الرّباني العذب.